قوله تعالى : (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ).
الفاء للترتيب وما بعده مترتب على السابق ترتب المعلول على العلة التامة المنحصرة وتدل عليه هيئة الماضي الدالة على تحقق الاستجابة وتقررها وذيل الآية المباركة (أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ) تقرير لقولهم (إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ).
والاستجابة هي الجواب مع حصول المقصود والمراد ، بخلاف الاجابة فإنها تطلق على مجرد الجواب بالرد ايضا. وهذه الاستجابة تكوينية ذكرها عزوجل لإبراز العناية بالداعين والتلطف معهم. بل ان أولى الألباب بذواتهم القدسية مراتب استجابة الله تعالى بجميع أطوارهم وشؤونهم في أي عالم ورد عليهم.
وفي ذكر الرب مضافا إليهم دلالة على كمال العطف بهم واختصاصهم بالرحمة الإلهية.
قوله تعالى : (أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ).
زيادة تلطف في الكلام ، وكمال تحبب معهم ، والاعتناء بشأنهم وتشريف الداعين بشرف الخطاب ولذلك جاء الالتفات في الكلام بقوله تعالى (اني) للتكلم والخطاب بقوله جل شأنه (منكم).
والضياع : بمعنى الهلاك والابطال اي : اني احفظ لكم أعمالكم واستجب لكم بشرط العمل الصالح.
والآية المباركة تدل على ان الاستجابة لم تكن الا لأجل العمل فهو المدار فيها ، فلم تكن تلك المشاعر الايمانية الصادقة التي لازمت الدعاء كافية في الاستجابة حتى تتحول الى العمل فكانت الاستجابة بالنسبة الى العاملين هي توفية جزاء أعمالهم فتكون هذه الآية الشريفة بيانا