والمهاد : المكان الممهد كالفراش وانما ذكره عزوجل تهكما بهم اي : ان تلك الدار التي يأوون إليها وذلك المصير مما جنته أيديهم وقد مهدوها لأنفسهم بسوء اختيارهم ويبين هذه الآية قوله تعالى في موضع آخر : (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) الشعراء ـ ٢٠٧.
قوله تعالى : (لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ).
بيان لمصير الأبرار وسعادتهم مقابلة لمصير الكفار وشقائهم فانه لا يقاس أحدهما بالآخر لأن حال الطائفة الاولى ابتلاء ومقاساة للأهوال مدة قصيرة ونعيم الخلد في الآخرة وحال الطائفة الثانية متاع قليل ومأواهم جهنم وبئس المهاد.
والكفار وان استمتعوا بملاذ الدنيا ونعيمها لكنهم حرّموا أنفسهم من نعيم الآخرة التي لا نهاية لعظمتها واحلوها دار البوار ، واما الذين اتقوا ربهم وان حرموا من نعيم الدنيا وتحملوا المشاق والأذى في سبيل الله لكن جزاؤهم كبير وعظيم ، فالاستدراك انما هو لأجل طمأنينة قلوب المتقين والأبرار والمجاهدين في سبيل الله تعالى فلا يوهن عزائمهم للجهاد بتمتع الكافرين في الأرض ولا يشغلهم تنعم هؤلاء ورفاههم وتقلبهم في البلاد ولا ينبغي ان يكون سببا لوهن عزائمهم ونشاطهم في سبيل الدين وإعلاء كلمة الله تعالى فان مصيرهم أعظم وأعلى من مصير الكافرين.
قوله تعالى : (لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ).
اي : ان مصيرهم الى نعم لا نهاية لبهجتها وسرور ساكنيها وهي جنات تجري من تحتها الأنهار وهذه الجنات تعددت لأنهم قاسوا