ثم ان الحكمة الربانية اقتضت ترويض النفوس التي اعتادت الباطل واستحكم فيها الجور والتعسف على قبول تلك الاحكام الإلهية وإجرائها على الحقيقة ، فقد اقترنت تلك الآيات بالتذكير والموعظة والإرشاد الى جلال الله وعظمته وقدرته وعلمه واطلاعه على خفايا الأمور ومراقبته لاعمال الناس.
وأسلوب هذه السورة ومضامينها تشهدان على انها مدنية نزلت نجوما حسب مقتضيات الظروف والحاجة وتحتوي على موضوعات متعددة كما عرفت تجمعها رابطة واحدة وهي تهذيب النفس ، والتخلق بأخلاق الله تعالى ، وتثبيت العقيدة وتطبيقها في العمل ومعرفة امور الدين وأحكامه.
وابتدأت هذه السورة بخلق الإنسان والإعلان بانه خلق من نفس واحدة تحريضا للتعاون والايتلاف ونبذ الاختلاف وتوطئة لما سيذكره عزوجل من الاحكام كالزواج واحوال اليتامى والمواريث وعلاقات الاسرة والمجتمع وأكد سبحانه على ملازمة التقوى لأنها روح تلك الاحكام والغاية منها.
التفسير
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ).
الآية الشريفة باسلوبها الجذاب تحتوي على رموز وبدائع أهليّتها ان تكون مفتتح هذه السورة.
منها : الاقتران بين العلة المادية والغائية وتقديم الأخيرة على الاولى