وقد تقدم الكلام في معنى التقوى مكررا.
وانما خص عزوجل اسم الرب بالذكر لتذكيرهم بانه خالقهم ويدبر أمورهم ويرعى مصالحهم ، فلا بد ان يتقوه.
قوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ).
هذه الآية الشريفة على ايجازها البليغ تتضمن وجوها من الحكم التي لها دخل في تشريع الاحكام وما اشتملت عليه هذه السورة الكريمة.
الاول : الآية الشريفة تدل على ان للإنسان خالقا قديرا عليما حكيما ، فان الخلق يقتضي ذلك كله فهو الذي خلقهم ويرعى مصالحهم ويرشدهم إلى الكمال فلم يكن خلق الإنسان وليد الصدفة من غير سبق تقدير ، أو يكون خلقه ناشئا من التفاعل في الطبيعة كما يقول به بعض الفلاسفة الطبيعيون حيث ذكروا ان الطبيعة تخلق كل شيء ولا حد لقدرتها. وبطلان ذلك أوضح من ان يخفى فان الطبيعة العمياء التي لا عقل لها ولا فكر كيف يمكنها ان يخلق هذه المخلوق العجيب وهو الإنسان المفكر العاقل الدارك ، وقد أكد سبحانه وتعالى في مواضع متعددة من القرآن الكريم ان خالق الإنسان هو الله تعالى وبين كيفية خلقه ونفى جميع المحتملات عنه قال تعالى : (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ) الطور ـ ٣٥.
ويستفاد من قوله تعالى : (الَّذِي خَلَقَكُمْ) انه تعالى هو الذي خلقهم والخلق يقتضي الحياة والقدرة والعلم كما تضمن الرب الحكمة والقيمومية والرحمة فكان الخالق مستجمعا لجميع صفات الكمال.
الثاني : ان الآية المباركة تدل على ان الإنسان خلق من نفس واحدة ؛ وهي المادة الاولى لجميع افراد الناس وهذه قضية ثابتة اتفقت