لكن التوكل يزيد على التفويض في انه يتضمن طلب النصرة منه والوثوق بأنه ينجزها ويحفظ من يكل اليه أمره والرضاء بفعل الله عزوجل بعد الاعتراف بالعجز ولقصوره امام عظمته وكبريائه.
حقيقة التوكل :
التوكل على الله تعالى هو الاعتماد عليه عزوجل قلبا واطمينان النفس به والوثوق بأنه لم يهمله بعد الاعتراف بعجز الإنسان امام قدرته وعلمه وإحاطته وقيموميته ، والاعتقاد بانه تعالى هو الفاعل لا غيره وان لا رب غيره فيعلم علما قطعيا بانه لا حول ولا قوة إلا بالله. يضع الأشياء في مواضعها بحكمته وهو القادر على كل شيء في السموات والأرض.
ومن ذلك يظهر السر في ذكره عزوجل العزة والحكمة في قوله تعالى (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) لان الاعتقاد بأنه حكيم يضع الأشياء في مواضعها وعزيز قادر لا يمتنع عليه شيء إذا أراد فلا محالة يذعن المؤمن بأنه تعالى ناصره ومعينه وهو حسبه وكافيه ويحصل له الاعتقاد بأن كل ما يسوقه اليه ربه هو طيب وكريم وحسن وخير ويعتمد عليه في جميع أموره وتحصل الثقة بالله العظيم فيتوكل عليه عزوجل.
فالتوكل إنما هو ارتباط عالم الشهادة المتناهية من كل جهة بعالم الغيب غير المتناهي كذلك ولذا نرى انه والتوحيد قرينان لا يتحقق أحدهما من دون الآخر فمن لا توحيد له لا توكل له ومن لا توكل له لا ايمان له ويدل عليه قوله تعالى : (وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)