المراد بالوحدة الوحدة الفردية الشخصية وهي آدم (عليهالسلام) أبو البشر الذي ورد اسمه وكيفية خلقه في القرآن الكريم مكررا ، لا الوحدة النوعية كما ذكرها بعض المفسرين لكونها خلاف ظواهر الآيات الكريمة والسنة المقدسة الشارحة لها ، وحينئذ لا بد ان يراد بالخلق في قوله تعالى : (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) الخلق التقديري لا الفعلي من كل جهة لفرض كون الخلق قبل خلق الروح ، فيصير المعنى انكم تنتهون إلى نفس واحدة كانتهاء الصور الكثيرة إلى المادة الأولية والهيولى الاولى. وفي ذلك الامتنان والتذكير بالقدرة ، ونوع استعطاف للناس بعضهم على بعض بما بينهم من النسب والرحم ، ووجوب قيام العلاقات بينهم.
وانما لم يقل تبارك وتعالى من أب واحد لفرض عدم تحقق الأبوة بعد مضافا إلى ان الآية المباركة في مقام بيان اتحاد افراد الإنسان في الحقيقة وانهم تشعبوا من اصل واحد ، وهناك اقوال اخرى في تفسير هذه الآية الشريفة بعيدة عن الصواب ، بل بعضها لا يليق بكرامة القرآن الكريم ولذلك أعرضنا عنها.
قوله تعالى : (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها).
الزوج اسم لكل واحد من القرينين سواء كانا من الحيوانات المتزاوجة ، أو ما يقترن بآخر مماثلا أو مضادا. والمراد بها هنا.
اي : وخلق من تلك النفس الواحدة زوجها وهي منشأها فتفيدانها من نوع تلك النفس الواحدة وجنسها وان الزوجين متماثلان في اصل الانسانية وقيمها ومتحدان في العبودية لله تعالى وجميع الاحكام إلا ما يختص طبع كل جنس ببعض الحقوق والواجبات.
ونظير هذه الآية الشريفة قوله تعالى : (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ