باستناد الكل اليه عزوجل وانبعاث الجميع منه تعالى ، ويستلزم ذلك الاعتقاد بتسبيب الأسباب والسعي في تحصيلها ، فان التوكل بدون ذلك لا ثمرة فيه بل هو لغو وباطل ، فترجع حقيقة التوكل إلى إرجاع الأمور ـ لا يتعلق بها عقولنا من تحصيل المقتضيات ـ إلى الله تعالى لأنه مسبب الأسباب ومسهل الأمور الصعاب.
ومن ذلك كله يظهر ان التوكل عنوان التوحيد وهو داع اليه فهما متلازمان وبه ينتظم حال الإنسان وعلمه وعمله. وبما ذكرناه يرتفع الغموض من حيث ان ملاحظة الأسباب والاعتماد عليها شرك في التوحيد والتباعد عنها خلاف طريقة العقل والشرع ، والتوكل يرفع الغموض والعسر عن ذلك كله.
شروط التوكل :
للتوكل على الله تعالى شروط لا يتحقق إلا بها تظهر من التمعن في ما ذكرناه في حقيقة التوكل وهي :
الاول : الاعتقاد بالله تعالى وانه الرب القيوم المدبر لجميع ما سواه وانه العزيز لا يمنعه شيء ، الحكيم الذي يضع الأشياء في مواضعها وفق ارادة وعلم بجميع الخصوصيات.
الثاني : الاعتقاد بانه لا فاعل في هذا العالم إلا الله تعالى وان ما سواه مربوب له ومقهور تحت قهاريته العظمى ، فهو الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد.
الثالث : الإذعان بأن هذا العالم ينتظم بقانون خاص لا يمكن التخلف فيه ، وان الله تعالى هو الذي جعل هذا القانون وهو قانون