والمراد من رزقهم فيها الانفاق عليهم وتغذيتهم وتنظيم معاشهم. كما ان المراد من كسوتهم هي اللباس والمقصود من القول المعروف هو المعاملة الحسنة تألفا لهم ورفعا لحزازة حبس الأموال عنهم لأنهم بشر أمثالكم يتأثرون بالقول الخشن وقد تغير المعاملة الحسنة والأخلاق الحميدة سلوكهم ويزيل السفه عنهم وهذا هو الأصل الثابت من الأصول المتقدمة.
قوله تعالى : (وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ).
الثامن : من الأصول المتقدمة في تمحيص اليتامى واختبارهم لإحراز صلاحيتهم واهليتهم لدفع أموالهم إليهم وهو متقوم بأمرين :
الاول : البلوغ في السن وهو المراد ببلوغ النكاح اي المرحلة التي جعلها الله تعالى لنوع البشر وهي الحالة التي تحدث فيها مادة النسل في الذكر ودم الحيض في الأنثى بحيث يكونان صالحين للأزواج والانجاب ولها امارات كالاحتلام والإنبات والسن على ما فصلناه في الفقه فراجع كتاب الحجر من (مهذب الاحكام) اي : امتحنوا اليتامى بعد بلوغهم واختبروا حالاتهم.
قوله تعالى : (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ).
الأمر الثاني : احراز الرشد والاهتداء لحفظ المال.
والجملة جواب لإذا الظرفية الذي هو (إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ) اي : إذا وجدتم من اليتامى البالغين رشدا واهتداء في حفظ أموالهم وضبطها بعد كبرهم وبلوغهم فادفعوا إليهم أموالهم ، فدفع الأموال لا يكون إلا بعد البلوغ ووجدان الرشد فيهم.