درجات التوكل :
للتوكل درجات ومنازل تختلف حسب شدة اليقين وضعفه وحسب كثرة الأمور المتوكل فيها وقلتها وهي :
الاولى : ان يكون المتوكل على درجة كبيرة من اليقين والثبات في العقيدة والخضوع والطاعة لله تعالى بحيث لا يرى شيئا إلا يرى الله تعالى معه يثق بكرمه وعنايته ، ويعبر بعض علماء الأخلاق عن هذه الدرجة بتوكل خاص الخاص ، وفي هذا المنزل يفوض المتوكل جميع أموره إلى الله تعالى ويرضي بحكمه فيكون بين يديه تعالى كالميت الملقى بين يدي الغاسل ، ولعل الآية المباركة تشير إلى هذه الدرجة : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) الطلاق ـ ٣ فان من اتقى الله تعالى ووثق به عزوجل وتوكل في جميع أموره عليه عزوجل اطمأنت نفسه بأن الله ناصره وهو حسبه ، وهذه المرتبة عزيزة الوجود في الناس تختص وبالأنبياء واولياء الله تعالى المخلصين له وقد حكى الله جل شأنه عن الأنبياء والمرسلين في كتابه الكريم ما يشهد لذلك.
الثانية : ان لا يكون على الدرجة من اليقين والثبات في العقيدة والاطمينان بما قسمه الله تعالى لعباده ولكن يعتمد في أموره على الله تبارك وتعالى يفزع اليه ويعتمد عليه ولا يترك الدعاء والتضرع في كل مسألة وامر مثل الصبي الذي يفزع إلى أمه ويتعلق بها وقد فنى في امه ولا يرى غيرها وفي هذه الحالة يفني المتوكل في الموكل عليه