قوله تعالى : (وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ).
الحكم عام كسابقه لا يختص بوصف معين أو حال والمراد من النساء مطلق الإناث من غير اختصاص بالكبار ، والوجه في التخصيص ما تقدم من ان المناط هو بلوغهن مبلغ الإناث البالغات.
والإظهار في موقع الإضمار لدفع كل لبس واحتمال ، ولبيان ان السبب في التوارث هو الولادة والقرابة وهذا هو اصل من الأصول المهمة في الفقه الاسلامي ، وهذا الأصل بيّن الشريعة الحق في قانون الإرث والعدل الالهي في هذا الحكم والإسلام يرد بذلك على تلك العادات والتقاليد. الجاهلية التي كانت تحرم المرأة وبعض الوارثين عن حقوقهم والإسلام يبين هذا الأصل المبتني على دعائم قوية وهي الاخوة الايمانية والحب في الله والقرابة الشرعية دون العصبية والأهواء الباطلة ولذلك نرى ان المؤمنين تقبلوا هذا الحكم بمجرد التشريع لموافقته للفطرة والعدل.
والآية الشريفة تبين ان الرجال والنساء مشتركون في تركة مورثهم وان لكل واحد منهم نصيبا فيها ، واما توزيع المال الموروث فسيأتي بيانه في الآيات اللاحقة من هذه السورة.
قوله تعالى : (مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ).
تأكيد للحكم السابق ، وزيادة في التوضيح لأنه يستفاد ذلك من اطلاق قوله تعالى : (مِمَّا تَرَكَ) ولدفع كل توهم في تحريم بعض الورثة من القليل أو الحقير دون الكثير والعظيم أو بالعكس فإنهم سواء في جميع التركة قليلة كانت أو كثيرة بالنسبة الى اصل الوراثة ، واما الكمية فلها شأن آخر سيأتي بيانها بالتفصيل.