الشريفة التي تقدم تفسيرها فإنها تبين ان الآثار الوضعية لظلم الأيتام سيعود إلى الظالم ولو على أعقابه ويؤكد هذا قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) الزلزال ـ ٨ وإطلاقه يشمل عود الجزاء إلى نفس العامل أو إلى ذريته وأعقابه وفي بعض الروايات «يؤثر العمل السيء ولو إلى سبعين بطنا» وعلى هذا فربما يكون ما يصيب الإنسان من خير أو شر من انعكاس اعمال آبائه عليه.
ويمكن ان يقام الدليل العقلي على ذلك ايضا فان الذي يحسن إلى غيره انما يفعل ذلك لأجل انه رضي بالإحسان وارتضاه لنفسه ، فإذا احسن للأيتام فهو قد رضي ذلك لذريته ايضا وبالعكس اي إذا ظلم احد فإنما طلب ذلك لنفسه ورضي وما يرتضيه لنفسه يتعلق بأولاده وأعقابه ايضا ان لم يتدارك. نعم هناك اسباب وعوامل قد تمنع انعكاس العمل على النفس والذرية لا يعلمها إلا الله تعالى كما يدل عليه قوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) الشورى ـ ٣٠ وسيأتي في الموضع المناسب تفصيل الكلام ان شاء الله تعالى.
الثامن : يمكن ان تكون من احد بطون قوله تعالى : (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) الإشارة إلى كيفية المعاشرة مع اولياء الله تعالى إماما كان أو عالما عاملا هاديا ، فان ترك المعاشرة معهم أو سوئها يؤثر في الذرية والأعقاب وقد ادعي التجربة في ذلك فحينئذ يكون المراد من قوله تعالى : (قَوْلاً سَدِيداً) اي قولا مطابقا مع العمل بما يرشدون اليه فإنهم واسطة الفيوضات المعنوية.
التاسع : يدل قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً) على تجسم الأعمال وهو صحيح ـ ويستفاد