(بالفتح) هو السرقة والأخذ خفية سمي بذلك ، لأنها تجري في الملك خفية. وقيل : انها تختص بالمغنم والفيء.
والمعنى : حاشا لنبي من أنبياء الله تعالى ان تقع منه خيانة مطلقا سواء كانت في ما يتعلق باحكام الله تعالى أو ما يتعلق بشئون الناس فان الخيانة معهم خيانة مع الله أيضا لأنه ليس من شأنهم ذلك ولا يصح منهم.
والخطاب ينزه ساحة الأنبياء عن الخيانة بأبلغ وجه وأبدع أسلوب ، لأنه يتضمن حكما مع دليل متين فهو ينفي الوقوع بنفي الشأن والصحة ، ولان الأنبياء معصومون وهم أمناء الله تعالى في ارضه وقد تقدم نظير هذا الخطاب في قوله تعالى : (ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي) آل عمران ـ ٧٩ ومر الكلام فراجع. وذكر العلماء في شأن نزول هذه الآية بعض الروايات لا يخلو عن ضعف سيأتي في البحث الروائي نقلها.
وقد ذكر بعض المفسرين ان الغل انما هو في الوحي وكتمانه عن الناس لا الخيانة في المغنم. ولكن ظاهر الآية المباركة التعميم لا الاختصاص ، ومما يهون الخطب ان الآية الشريفة تنزه ساحة الأنبياء عن الخيانة وتطهرهم عنها وعن كل سوء وفحشاء وقد ذكرنا ان الخيانة مع الناس خيانة مع الله تعالى أيضا.
قوله تعالى : (وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ).
جملة حالية تبين الجزاء المترتب على الفعل والخيانة اي : ان الخائن يلقى ربه بخيانته يوم القيامة وهو يوم ظهور حقائق الأعمال للناس فيفضحه الله تعالى من حين حشره.