المراد منه منع الخروج عن البيوت والحيلولة بينهن وبين الفاحشة. وبعبارة اخرى : ابقاؤهن في البيوت لغرض تربيتهن تربية صالحة. ولعل ذلك هو السر في العدول عن التعبير بالسجن والحبس. ويشهد على ان المراد من الإمساك منع الخروج قوله تعالى : (لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) الطلاق ـ ١ وإن كان الإمساك في الموردين يختلفان في الغاية. وكيف كان فلا ينافي ذلك كونه حدا لهن في المقام ، لما يقتضيه بعض النصوص. وكيف كان فالآية الشريفة تتضمن سماحة الإسلام وسهولته كما لا يخفى.
الثالث : ذكر بعض المفسرين ان قوله تعالى : (حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ) يشير الى عادة جاهلية وحمل قوله تعالى : (أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) على جعل الحكم الالهي والحد الشرعي ـ الفاحشة وهو ما ورد في سورة النور والسنة المقدسة فيزول الحكم الالهي لا محالة بعد التشريع.
ويمكن ان يراد من قوله تعالى : (حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ) المعنى الكنائي وهو اظهار النفرة عنها يعني ان المرتكبة لهذه الفاحشة لا يختلط ولا يعاشر معها حتى يأتيها الموت لقبيح فعلها ، ولا بد ان يقيد ذلك بما قبل التوبة واظهار الندامة وصدور العمل الصالح عنها ، فيزول الموضوع لا محالة كما يدل عليه الآية الثانية.
الرابع : يدل قوله تعالى : (يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ) على ان الفعل صدر عنهن بالاختيار من دون جبر واكراه فيكون للمكرهة حكم آخر.
الخامس : يدل قوله تعالى : (أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) على ان الحكم مغيى بجعل حكم جديد فليس ذلك من النسخ المصطلح كما عرفت في التفسير لأنه يشترط في المنسوخ ظهوره في التأبيد.
السادس : يدل قوله تعالى : (فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما)