لما ختم سبحانه وتعالى الآيات السابقة بالتوبة وبيّن ان بها تسقط العقوبة والحد الشرعي ذكر عزوجل في هاتين الآيتين الشريفتين حقيقة من الحقائق الإلهية التي امتاز بها الإسلام عن سائر الأديان السماوية ، فبين عزوجل حكم التوبة وانها حق من حقوق العبد على خالقه ومربيه وقد وصف نفسه بالرحمة وذكر شروط التوبة ومواردها التي تقبل من الإنسان والموارد التي لا تقبل.
كما بين عزوجل ان التوبة انما تكون وفق النظام الربوبي المتقن المبني على الحكمة والعلم.
والآية من الآيات المتعددة التي ترغب العاصين إلى هذه الموهبة الربانية وتحرضهم إلى التوبة قبل فوات الأوان. وانما ذكر عزوجل هذه الحقيقة ضمن الاحكام الإلهية لما لها من الأهمية الكبرى في تربية الإنسان وهدايته إلى السعادة والكمال ولا تخلو الآيتان من الارتباط بالآيات الاخرى.
التفسير
قوله تعالى : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ).
بيان لحقيقة من الحقائق الإلهية التي كشف عنها القرآن الكريم بما لم يكشف عنها كتاب سماوي آخر ، فانه بيّن حقيقة التوبة وشروطها ومواردها وآدابها وآثارها. ويمكن اعتبارها بحق من التعاليم المختصة بهذا الكتاب العزيز وانها لم تكن بهذه الخصوصية في سائر الشرائع الإلهية وقد اهتمّ القرآن المجيد بها اهتماما بليغا حتى ورد ذكرها فيه بما يزيد على ثمانين موردا ، وسميت سورة من سور القرآن المجيد باسم التوبة.