والتوبة في نظر الإسلام من الأمور المعدودة التي لها جوانب متعددة فهي عملية تربوية تربّي الإنسان تربية دينية مبنية على الحقيقة دون الوهم والخيال ، كما انها عملية اصلاحية تصلح النفوس الفاسدة وتهذبها وتزكيها وتصلح المجتمع وتجعله في المسار الصحيح ، كما انها فضيلة اخلاقية وهي من أجل مكارم الأخلاق. ونحن ذكرنا ما يتعلق بها في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) البقرة ـ ١٦٠ فراجع الآية الكريمة.
ومادة (توب) تدل على الرجوع سواء استعملت بالنسبة اليه عزوجل أم استعملت بالنسبة إلى العبد قال تعالى : (ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا) التوبة ـ ١١٨ وتوبة الله تعالى على العبد هي الرجوع عليه بالرحمة والتوفيق وغفران الذنوب وتوبة العبد هي الرجوع إلى الله تعالى بالندامة والانصراف عن المعصية.
والمستفاد من الآيات الواردة في هذا الموضوع أن توبة العبد محفوفة بتوبتين من الله تعالى إحداهما : التوفيق لها لان العبد محتاج بذاته وهو الفقير اليه عزوجل قال تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ وَاللهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) فاطر ـ ١٥ ، فإذا وفقه الله تعالى للتوبة تاب ورجع اليه عزوجل بالندامة والانصراف عن المعصية : الثانية : توبة الله تعالى عليه بالقبول والغفران فتكون مطهرة للعبد مما أصاب نفسه بسبب المعصية من القذارات والنجاسات المعنوية فيحصل بها التقرب اليه عزوجل.
و(على) في قوله تعالى : (عَلَى اللهِ) تفيد اللزوم والثبوت وهو