يرادف الوجوب ، وانما وجبت التوبة لأنها من افراد رحمته التي أوجبها على نفسه قال تعالى : (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) الانعام ـ ٥٤ واستعمال (على) في الوجوب واللزوم كثير ولا ضير في ذلك.
الا ما يقال : من ان استعمال الوجوب بالنسبة اليه عزوجل امر مستنكر بل لا يصلح لأنه لا سلطة على الله تعالى يوجب بها عليه ولذا ذكر بعض المفسرين ان هذه العبارة وأمثالها التي هي ظاهرة في وجوب بعض الأشياء على الله قد جاءت على طريق العرب في التخاطب ولا يفهم منه إلا انه واقع لا محالة.
ولا يخفى ان ذلك تطويل لا طائل تحته وما ذكره انما هو تغيير في ظاهر اللفظ ، فلا مانع من إيجاب الله تعالى على نفسه أمورا تقتضيه حكمته المتعالية وقد نطق بها القرآن الكريم وشهد بها العقل السليم من دون ان يكون لغيره سلطة عليه يوجب عليه شيئا أو يكلفه بتكليف فإذا كانت التوبة من مصاديق الرحمة الإلهية التي وعد بها عباده» والله لا يخلف الميعاد فيجب عليه قبول توبة عباده من هذه الجهة ايضا.
ثم ان اطلاق الآية الشريفة يشمل جميع اقسام التوبة من الكفر والشرك والضلال وأنحاء الفسق والعصيان الا ما يستثنيه سبحانه وتعالى بعد ذلك. نعم تختلف أنحاء التوبة ففي بعض المعاصي تكون بالإيمان بالله تعالى وفي البعض الآخر تكون بأداء الحقوق ، وفي ثالث بإيقاع الحد ، وفي رابع باجتناب الكبائر ، وفي خامس بالطاعة والمواظبة على الصلاة وقد ذكرنا جميع ذلك في مبحث التوبة فراجع آية ١٦٠ من سورة البقرة.