والضمير «هم» عائد الى الموصول الاول وهو (أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللهِ) واما الطائفة الثانية وهي من باء بسخط من الله تعالى فقد ذكر سبحانه حكمها وحالها في يوم الجزاء في قوله عزوجل (وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) مع ان سياق لفظ الدرجات ظاهر في الاختصاص.
وانما أتى عزوجل بضمير الجماعة العائد إلى ذوي العقول لبيان ان درجات الرضوان عند الله تعالى لها حياة ابدية ومن اشرف انواع العقول وان كانوا متفاوتين في ما بينهم ولا يعلم احد خصوصيات ذلك وجهاته إلا الله عزوجل قال تعالى في شأن الأنبياء العظام : (وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ) البقرة ـ ٢٥٣.
وظهر مما ذكرناه انه لا حاجة إلى ما قاله جمع من المفسرين : من ان الآية الشريفة على سبيل الاستعارة بأن شبههم بالدرج في تفاوتهم علوا وسفلا ، أو انها على سبيل المبالغة في جعلهم نفس الدرجات فيكون تشبيها بليغا بحذف الأداة كقولهم زيد عدل ، أو زيد أسد ، أو انه على تقدير المضاف اي : ذووا درجات. وقال بعضهم : بأن الآية المباركة تشمل الطائفتين الا ان فيها تغليب الدرجات على الدركات فان الاول لمن اتبع رضوان الله تعالى والثاني لمن باء بسخط من الله.
والجميع كما ترى فان ظاهر الآية المباركة على خلاف ذلك كما قلنا.
ويستفاد من قوله تعالى : (عِنْدَ اللهِ) عناية خاصة بهم لا تستفاد من غير هذا اللفظ فان ما عند من هو غير متناه لا يعقل ان يكون متناهيا ؛ كما لا يعقل ان يكون محدودا بحد خاص من الكمال والجلال والعظمة والكبرياء.
والآية الكريمة مطلقة تشمل الدرجات في الدنيا والآخرة ، اما الدرجات في الدنيا فقد قال تعالى فيها (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ