قوله تعالى : (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ).
(للذين) خبر ، و(التوبة) مبتدأ ، و(على الله) متعلق بما تعلق به الخبر ، وقيل غير ذلك و(بجهالة) حال من فاعل (يعملون) والباء للسببية و(السوء) هو العمل القبيح الذي يسوء فاعله بارتكابه وهو لا يليق به سواء كان كفرا أم معصية كبيرة أم صغيرة و(الذين) عام يشمل المؤمن والكافر معا فالجملة تبين حالهما ، لأنهما معا يعملان السوء. و(العمل) أعم من الجوارح أو عمل القلوب. والتعبير به مع ان الكفر من اعمال القلوب لبيان ان الكفر سيئة ومنشأ للأعمال السيئة.
والجهالة من الجهل مقابل العلم والمراد بها إما عدم العلم بالموضوع أو الحكم أو هما معا ، قصورا أو تقصيرا ، وفي الكل لا يتحقق العصيان حتى يتحقق موضوع التوبة ، لان مقتضى ما هو المتواتر بين المسلمين عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «رفع عن امتي ما لا يعلمون» عموم الحكم لجميع افراد عدم العلم. إلا ان يدعى الانصراف عن مورد التقصير ، كما عن جمع من العلماء من تحقق العصيان في الجهل التقصيري وهو مقتضى ظاهر بعض الاخبار ايضا فلا تكون الجهالة في المقام بهذا المعنى بلا إشكال.
أو المراد بالجهالة في المقام فعل كل ما لا ينبغي صدوره عن العاقل المتوجه إلى نفسه والعارف ببصيرته ما فيه صلاحه عن ما يسوؤه كما في قوله تعالى حكاية عن يوسف (عليهالسلام) : (قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) سورة يوسف ـ ٨٩ فما يصدر حينئذ عن الفرد انما يكون من داع نفساني غالب على ما تقتضيه القوة العاقلة فيكون مغلوبا لنفس امارة وداعية شهوية أو غضبية ،