احترازيا إلا ان كونه توضيحيا أوفق لسعة رحمته.
قوله تعالى : (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ).
القريب من الأمور الاضافية وله مراتب كثيرة ، وقد استفاد العلماء من هذا اللفظ الفورية العرفية في التوبة وهي في نفسها حسن لان العصيان حجاب بين العبد والمعبود ودرن للروح ، والعقل يحكم بازالة الدرن والنجاسة عن اللباس والبدن فضلا عن الروح وهذا لا ينافي ان تكون الجملة اشارة إلى المسارعة وعدم التساهل ، فيكون المراد من القريب الزمان القريب قبل ظهور الموت وبروز آيات الآخرة بحيث لا يعدّ تساهلا في امر التوبة حتى تفوت الفرصة بحضور علامات الموت.
وبالجملة : المراد من قوله تعالى : (مِنْ قَرِيبٍ) التوبة في عهد قريب من قبل ان تموت الشهوات وتسقط دواعي المعصية ، بل تكون في حال صراع النفس مع القوة العاقلة فترغم النفس الامارة ويقلع عن المعصية ندما ويرغب في الطاعة شوقا إلى رضاء الله تعالى وطلبا لعفوه وغفرانه ، ويؤدي حقوق الناس وحقوق الله سبحانه وتعالى لو كانتا عليه ففي كل وقت صح إبراز ما في الضمير والارادة الجدية من القلب تقبل التوبة كما عرفت آنفا.
قوله تعالى : (فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ).
أولئك اسم الإشارة الموضوع للبعيد وهو مبتدأ وخبره جملة (يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ) وعديت التوبة ب (عليهم) لتضمنها معنى العطف والرحمة اي : انه تعالى يعطف عليهم بقبول التوبة ويعود بالرحمة.
وانما أشار إليهم بالبعيد اعلاما بعلوّ قدرهم وتعظيم شأنهم ،