لأنهم تابوا على حقيقة التوبة والتفريع بالفاء المفيدة لسببية ما قبلها لما بعدها ولبيان ان قبول التوبة من مصاديق ذلك الوعد الذي قرره تعالى في صدر الآية المباركة.
قوله تعالى : (وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً).
اي ان الله تعالى عالم بحقيقة الحال فيعلم شؤون عباده ومصالحهم ويعلم المخلص في توبته ، حكيم في أفعاله قد وضع التوبة وفق نظام محكم ، فلا تغره ظواهر الأحوال وصريف الأقوال.
وانما ذكر هذين الاسمين لبيان اهمية الموضوع وانه تابع لعلمه الأتم وحكمته المتعالية يضع التوبة في مواضعها وهو ارحم الراحمين.
قوله تعالى : (وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ).
بيان لحال من لا تقبل توبتهم وهم طائفتان : إحداهما لأجل عدم تحقق موضوع التوبة منهم وهم الذين يعملون السيئات دوما ولا بتحقق منهم الندم حتى إذا حضرهم الموت وانتفى اسباب العمل فلا داعي فيهم لعمل السيئات لانقطاع آمالهم وموت شهواتهم فلا تقبل توبتهم.
وانما ترك عزوجل اعادة اسم الجلالة (على الله) لبيان انقطاع العناية الإلهية عنهم ، وللاعلام بان التوبة الصحيحة لا تقع منهم لنفي موضوعها كما عرفت آنفا.
وانما جمع عزوجل السيئات وأفردها في الآية السابقة وقال (يَعْمَلُونَ السُّوءَ) للدلالة على إحصاء سيئاتهم الكثيرة العديدة واستمرارهم على فعلها وإصرارهم على التكرار بلا فرق بين ان تكون السيئة المكررة من انواع مختلفة أو من نوع واحد فان التكرار يوجب التعدد لا محالة.