الكفر وهذا ما استثناه عزوجل من القبول في المقام أيضا كما عرفت. وكيف كان فالآية الشريفة من الآيات التي تعتني بشأن العاصين وتأمرهم بالتوبة من الشرك والضلال والسيئات والمعاصي كلها.
وللتوبة اثار عظيمة فإنها من سبل الصلاح والتقوى وتجلب السعادة وتزيل درن الشقاء والرذيلة من القلب الذي هو محل الصلاح والفساد معا. وتصفى النفوس التي انكدرت بالعصيان ، وتزيل الغشاوة عن القلوب وترفع الموانع عن طريق سير الإنسان نحو السعادة والكمال ، وتخلّص الناس من بوار الذنب وهلاك المعصية وهي الوسيلة للفلاح قال تعالى : (وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) النور ـ ٣١.
ومن آثار التوبة ايضا انها تجعل قلب المذنب متعلقا بالرحمة الإلهية وتبعث روح الرجاء بعد انخماد نور النفس بظلمة الذنب وتمحو الآثار السيئة التي تترتب على الحياة بسبب العصيان وعمل السيئات. والآية المباركة تعد البشارة العظمى للمذنبين.
ثم ان التوبة مظاهر مختلفة كالندم ، والاستغفار والانقلاع عن المعصية وإتيان الطاعة والتلبس بالعمل الصالح وأداء الحقوق وغير ذلك مما ذكره علماء الأخلاق وتقدم في مبحث التوبة وهي تبدل السيئات بالحسنات.
الثالث : يستفاد من الآية الشريفة ان التوبة امر اختياري فإنها رجوع إلى الله تعالى بعد البعد عنه بسبب فعل السيئة وإتيان المعصية بالدخول في سلك الطاعة والعبودية بعد الاعراض عنه عزوجل وذلك لا يتحقق إلا في ظرف الاختيار وكون العبد مخيرا بين طريقي الصلاح والسعادة ، والطلاح والشقاوة ، وفي غير ذلك فلا توبة له لما يدل عليه ذيل الآية الشريفة.