الرابع : يستفاد من قوله تعالى : (بِجَهالَةٍ) ان كل ذنب يصدر عن جهالة قابل للعفو والغفران من الله تعالى ، وبهذا القيد يخرج كل ذنب يصدر عن لجاج وعناد مع الحق واستكبارا على الله تعالى ، وقد عرفت في التفسير ان الجهالة في المقام ـ وفي باب الأعمال على العموم ـ هي الغفلة عن وجه قبح الفعل وفساده لغلبة الشهوة واستيلاء الهوى ولكن ذلك لا يسلب نسبة الفعل إلى الفاعل لأنه صدر عنه عن علم وارادة كما يسمى الشاب قليل التجربة جاهلا لأجل غلبة العواطف والنزوات الشهوانية عليه.
الخامس : يستفاد من قوله تعالى : (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ) ان المؤمن إذا صدر عنه الذنب ينبغي ان يبادر إلى التوبة بعده ولا يسوّف في ذلك فهو في صراع مع النفس الامارة وتوبة مستمرة يرجو رحمة ربه وهذا ينبئ عن حسن السريرة وشدة الأمل بالله تعالى ، ولعل ما ورد في بعض الروايات : «طوبى لمن كان له تحت كل سيئة توبة» إشارة إلى ذلك ويستفاد من قوله تعالى : (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ) اولوية التوبة من الذنب من ترك الذنب رأسا فان الله تعالى مدح التائبين من الذنب وأدخلهم تحت رحمته وقرّبهم اليه. وقال بعض العلماء ان ترك الذنب مطلقا احسن واولى من ارتكابه ثم التوبة عنه ، لان الله تعالى مدح هؤلاء بما لم يرد في غيرهم وهم المختصون لمقام العبودية التشريفية.
ولكن يمكن اختيار الاول لكثرة ما ورد من الترغيب الى التوبة كتابا وسنة وقد ورد عن نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) : «التائب من الذنب كمن لا ذنب له» فيصير التائب من الذنب مساويا له من هذه الجهة اي عدم الذنب ويكون تذلله مما في نفسه عند