قوله تعالى : (وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ).
الإفضاء : هو المخالطة والاتصال بالمماسة يقال افضى إلى الأرض يده إذا مسها في سجوده ويكنى به في النكاح عن الجماع غالبا. والإفضاء من الكلمات التي تستعمل في الحياة الزوجية لأنها تشمل على الارتباط والتمتع ورفع الحشمة ، وهي من احسن الكنايات في هذا المجال.
والمعنى : كيف تأخذون من مالها شيئا وقد ارتبطتم معها ارتباط اللباس باللابس كما في قوله تعالى : (هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ) البقرة ـ ١٨٧ واختلطتم معها وتحققت علاقة الزوجية فكأنهما حقيقة واحدة وفي هذه الحالة لا يصح الظلم والبهتان والرمي بالكذب وأخذ المال ظلما وعدوانا وهو مما يتعجب منه.
قوله تعالى : (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً).
الميثاق : هو العهد المؤكد المشدد ، والغليظ إما عطف بيان على (مِيثاقاً) فيكون المعنى وأخذن منكم شيئا غليظا وهو المني الذي يكون محترما بالعقد الواقع بينهما.
أو تكون وصف من قبيل ذكر الخاص بعد العام اي : العقد الغليظ الواقع غالبا بمحضر من الناس مقرونا بالطرب والسرور. وكيف كان فهذه الآية الشريفة تدل على احترام العلاقة الزوجية وان العقد الواقع بين الزوجين مما عظمه الإسلام وسائر الأديان الإلهية ، ويجب الالتزام به بحسب الفطرة.
وقيل : ان الميثاق الغليظ هو العهد المأخوذ من الرجل للمرأة في ما ذكره عزوجل (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) البقرة ـ ٢٢٩ وقيل الحلية المجعولة شرعا في النكاح وقيل غير ذلك.