قوله تعالى : (إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ).
بيان لمنته العظمى التي من بها الله تعالى على المؤمنين وتأكيد لها فقد ابتدأ عزوجل بالنعمة ان بعث فيهم رسولا عظيم الشأن جليل القدر. و(إذ) ظرف ـ ل من ـ ويتضمن التعليل.
وقد وصف سبحانه وتعالى هذا الرسول بأوصاف تدل على جلالة قدره وتؤكد المنة عليهم وان كل واحد منها نعمة جليلة تستوجب الشكر ، وهي اربع :
الاول : انه رسول من أنفسهم اي : من جنسهم فلم يكن من غير الإنسان ولا من غير العرب ليستأنسوا به كما يستأنس الرجل بأبيه وأخيه فيفهموا كلامه ويسهل التلقي منه وليتأكدوا على أحواله وكماله وملكاته العظيمة الفائقة وأخلاقه الفاضلة وغيرها مما يدعو الى الإقبال عليه والانقياد اليه والتصديق به ؛ ولئلا تأخذهم النخوة والعصبية أو العزة بالإثم من الايمان به لو كان من غيرهم ، فكان من عظيم المنة على العرب ان سهل عليهم التعرف على الرسول ويسّر لهم الايمان به وازدادوا بذلك شرفا وعزة ، وقد أكد عزوجل هذه المنة في مواضع متعددة في القرآن الكريم قطعا للمعاذير وإتماما للحجة قال تعالى : (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) الجمعة ـ ٢.
قوله تعالى : (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ).
وصف ثان. الآيات جمع آية والمراد بها الآيات التي أوحاها الله تعالى عليه المشتملة على جميع المعارف الإلهية والعلوم الحقيقية الواقعية. والتلاوة هي القراءة مع التدبر والتمعن ليسهل عليهم فهم تلك الآيات