ويدركوا معانيها وحقائقها وإشاراتها وقد جعل الله تعالى معجزة هذا الرسول العظيم والدليل على رسالته في القرآن الكريم الذي نزل بلغتهم.
قوله تعالى : (وَيُزَكِّيهِمْ).
وصف ثالث وهو تزكية نفوسهم وتطهيرها من العقائد الزائفة والآراء الباطلة والأخلاق الذميمة والصفات الرذيلة التي كانوا عليها قبل بعثته فان مع وجود تلك الملكات الفاسدة في النفس لا يمكنها التحلي بالمعارف الإلهية وهي حجب ظلمانية تعوق عن الوصول الى الفيض الالهي ، والتخلية متقدمة على التحلية.
قوله تعالى : (وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ).
وصف رابع وهو تعليمهم الكمالات الانسانية وجهات الحكمة العلمية والعملية ، والحكمة بأي معنى أخذت مما يفتقر إليها الإنسان ويعجز عن الاحاطة بها البيان.
والتعليم وان كان مترتّبا على التلاوة الا انه لا بد من التزكية التي هي عبارة عن تخلية النفس عن الرذائل والحجب وتصفية النفس وتهذيبها بالفضائل ثم تكميلها بالعلم والتعليم المترتبين على التلاوة ، ونظير هذه الآية الشريفة قوله تعالى : (رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ) البقرة ـ ١٢٩ إلا ان الفرق بينهما في تقديم التزكية على التعليم وتأخيرها عنه ويأتي في البحث الدلالي ما يتعلق بذلك.
والآية المباركة تدل على ان جهات تكميل الانسانية الواقعية تكون مفوضة الى الله تعالى وليس للجهات الامكانية دخل فيها ابدا.