ومخالفتهم لأوامره وعدم التقوى عندهم والفشل والتنازع بينهم مما كان سببا لهزيمتهم وتوبيخهم وتقريعهم. والمشهور بين المفسرين ان المراد بالمثلين : المثلان في غزوة بدر الكبرى فإنهم قتلوا من المشركين سبعين وأسروا منهم سبعين فكان ذلك مثل ما أصاب المسلمين يوم أحد من قتل سبعين منهم. والظاهر انه أعم من ذلك ومما أصاب المسلمون من المشركين في غزوة احد فقد هزموهم أول الأمر وقتلوا منهم جمعا ولكن عصيانهم للرسول وفشلهم وتنازعهم كان السبب في هزيمتهم وقتل المشركين لهم. وكيف كان ففي هذا التوصيف تسكين لقلوبهم وتحقير للمعصية ولما يورث السكون وهذا كاف في الجواب عن سؤالهم.
والمعنى : أتدرون لما ذا أصابكم تلك المصيبة فإنها كانت من عند انفسكم ونتيجة حتمية لأعمالكم لأنكم خالفتم أوامر الرسول (صلىاللهعليهوآله) وفشلتم واختلفتم وتنازعتم فكان ذلك سببا في إفساد الفتح والظفر اللذين كانا من نصيبكم.
قوله تعالى : (قُلْتُمْ أَنَّى هذا).
سؤال عن سبب المصيبة تعجبا منهم واستيحاشا واستعظاما واستبعادا للحادثة مع مباشرتهم لسببها والجملة جواب «لما» وهذه واحدة من تلك الشبهات التي ذكروها في المقام بعد ما رأوا النصر الباهر في بدر فاعتبروا أن ذلك لأجل كونهم مسلمين ولكنهم ذهلوا عن الحقيقة.
قوله تعالى : (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ).
بيان للحقيقة الّتي غفلوا عنها وتأكيد لما بينه عزوجل سابقا من ان ما يصيب الإنسان انما هو آثار أفعاله ونتائج اعماله.
والمعنى : قل يا رسول الله في جوابهم انكم أخطأتم في الرأي فان الذي أصابكم انما هو بسبب أعمالكم وأفعالكم حيث خالفتم أوامر الرسول