الاول : يستفاد من قوله تعالى : (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها) واقع الإنسان بعد إصابة المصيبة بانه يلتمس أسبابا لتلك وإلقاء تبعاتها على الغير تخفيفا للوعة المصاب ولما فيه الأثر النفسي الكبير. والآية الشريفة لا تنفي ذلك بل تبين الطريق الصحيح وتهدي الإنسان إلى الصراط المستقيم وتبين ان الأسباب لتلك المصائب والهموم انما تكون من عند الإنسان نفسه وقد أتى الجواب عن جميع تلك الأسئلة والشبهات واضحا يبين الحقيقة قال تعالى : (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) وقال تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) الشورى ـ ٣٠ وعلى الإنسان التفكر في عقيدته وأفكاره وأفعاله وأقواله فان فيها الأسباب التي تقتضي حدوث المصائب على الإنسان وكيفية التحرز عنها بالالتزام بالشرع والاتكال على الله تعالى.
الثاني : يدل قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) على ان قانون الأسباب والمسببات الذي بني عليه هذا النظام لا يخرج عن قدرة الله تعالى وقضائه وقدره فانه عزوجل المدبر لهذا النظام الكياني وهو المهيمن على جميع ما يجرى فيه فان الأسباب وان اقتضت المسببات المعلومة إلا انها تؤثر بارادة الله عزوجل واذنه.
ومن ذلك يعلم السر في تعقيب ذلك بقوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللهِ) وأكد ذلك بقوله عزوجل : (وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ) الذي يدل على ان الاعتقاد بذلك من الايمان.
الثالث : يدل قوله تعالى : (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا) إلى أهم ما كان يريد المنافقون من أقوالهم وأفعالهم وهو تثبيط المؤمنين عن القتال وبث روح الشك في نفوسهم والاحجام عن تنفيذ أوامر الله تعالى وترك طاعة الرسول (صلىاللهعليهوآله) وقد فند عزوجل مزاعمهم وأبطل