قوله تعالى : (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ).
جملة مستقلة لم يذكر فيها حرف العطف اهتماما وتعظيما لأن مفادها نعمة عظيمة فوق جميع النعم.
والاستبشار هو الخبر السار الظاهر سروره على البشرة وهذا الاستبشار أعم من الاستبشار بحال أنفسهم والاستبشار بحال غيرهم ، وانما حصلت هذه الفضيلة لهم من مجاهداتهم في سبيل الله تعالى والاصطبار عليها.
والنعمة : هي الأجر الجزيل الذي اتحفهم تعالى به وخصهم بولايتهم ، والفضل هو الكرامة التي حباهم عزوجل زيادة على أجرهم وجزائهم نظير قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ) يونس ـ ٢٦.
وانما جمع عزوجل بين الاستبشار بانتفاء الخوف والحزن ، والاستبشار بنعمة من الله وفضل لبيان تمامية النعمة وكمال الحياة بعد الموت ، والإرشاد الى ان أعمالهم مشكورة ومقبولة عند الله وهي محفوظة لهم قال تعالى : «وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ» البقرة ـ ١١٠ ولعله لأجل ذلك كله كرر سبحانه وتعالى الاستبشار والفضل في الآيات المتقدمة.
وقد أبهم عزوجل النعمة وأضافها الى نفسه جلّ جلاله ليقترن الفخامة الذاتية لفخامة الاضافية ، وليذهب ذهن السامع كل مذهب ممكن ، كما انه عزوجل جمع بين النعمة والفضل لبيان ان النعمة التي أنعمها الله تعالى عليهم مضاعفة ولا نهاية لسرورهم ولذّاتهم ولا حد لعناياته عزوجل بهم.
قوله تعالى : (وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ).
تأكيد آخر بتوفية الله اجر المؤمنين من الشهداء وغيرهم من غير