والتفرق والاختلاف ، ورجعوا إلى الحق والصراط المستقيم فاجتمعت فيهم صفات الثبات والصمود والعزيمة والتوكل على الله تعالى فأطاعوا الله والرسول واستجابوا له عند ما دعاهم إلى قتال الكفار إثر المعركة السابقة فقد لاحقوا جيش المشركين في رجوعهم من معركة احد على ما هم عليه من الجراح وهم لا يزالون يقاسون الآلام التي انهكت قواهم وأصروا على ان لا يعودوا إلى العهد السابق حذرا من العتاب والخروج عن الحق فأدوا العمل على أكمل وجه واتقوا التقصير الذي حصل منهم في تلك المعركة فكانوا في صورة مقابلة للصورة السابقة التي حكى عنها عزوجل في قوله : (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ) ـ ١٥٣ هذه هي التربية الإلهية التي تؤثر في النفوس وتغيرها إلى صورة اخرى مخالفة للتي كانت عليها قبلها ، وهؤلاء هم المؤمنون الذين حكى عنهم عزوجل آنفا بان الشهداء يستخبرون عن أحوالهم ويستبشرون بجزائهم الجزيل ومقامهم الرفيع.
وانما ذكر سبحانه وتعالى (لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) مع ان اطاعة أحدهما اطاعة للآخر لبيان أن ما صدر منهم في أحد قد تضمن مخالفة الله وعصيان الرسول كليهما اما الاولى فقد خالفوا الله تعالى في أوامره بالصبر والثبات فعصوه بالفرار والتولي. واما عصيان الرسول (صلىاللهعليهوآله) فقد كان بمخالفة امره بالصمود في فم الشعب ولزوم مراكزهم. وفي هذه الواقعة قد استجابوا لله والرسول فاستحقوا الثناء الجميل والأجر الجزيل.
قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ).
ثناء جميل لمن احسن ممن استجاب لله والرسول واتقى في أقواله