وأفعاله وامتثل أوامر الله تعالى والرسول بحسن نية واخلاص واحترز عن كل ما يوجب البعد عنه عزوجل ، فان الله تعالى وان وصف الجميع بالاستجابة إلا انها أعم من الإحسان والتقوى اللتين عليهما مدار هذا الثناء والأجر الجزيل.
والاستجابة امر ظاهري تشمل جميع من لبّى دعوة الرسول (صلىاللهعليهوآله) إلا ان وراء ذلك امرا خفيا لا يمكن ان يطلع عليه إلا الله تعالى وهو تحري الإخلاص ، ومراقبة العمل والتحذر مما يشينه فانه الإحسان الذي أمرنا الله تعالى بابتغائه في جميع الأحوال. وإذا لازم ذلك التقوى والتحرز عما يوجب سخط الله تعالى في الأقوال والأفعال ، فقد استحق العامل ذلك الثناء الجميل وعظيم الأجر ، وهذا مما يختص به طائفة معينة.
فالآية المباركة تقسم المستجيبين إلى طائفتين إحداهما ما حصل منهم الاستجابة الظاهرية التي خلت عن الإحسان والتقوى ، والثانية كانت محسنة ومتقية فاستحقت عظيم الأجر.
ومن ذلك يظهر ان «من» في قوله تعالى : (مِنْهُمْ) تبعيضية وقيل ان «من» بيانية وعليه الأكثر. كما في قوله تعالى : «مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ ـ إلى ان قال تعالى ـ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً» الفتح ـ ٢٩ وعليه يكون المستجيبون لله والرسول كلهم محسنين ومتقين ، والجمع بين الوصفين انما يكون للمدح والتعليل لا التقييد ، ويمكن تقريب هذا الاحتمال على ما يوافق الاول بأن الآية الشريفة في الموردين وان كانت صورتها جارية على النوع إلا ان المراد منها البعض بالتقريب المتقدم وفي غيره يكون التأويل خلاف السياق ويأتي