يجعلهم الله تعالى في تلك الحواصل ، بل هو نحو من التناسخ الذي ثبت بطلانه.
وقد أنعم تعالى عليهم بأنواع الرزق ، وأعزهم بأن جعلهم (عنده).
الثالث : يدل قوله تعالى : (عِنْدَ رَبِّهِمْ) على سنخية أرواح المؤمنين لعالم القدس كيف لا وان الله تعالى خلقها من روحه قال عزوجل : «وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي» ص ـ ٧٢ فنزلت من المحل الأرفع لتتحد مع البدن برهة من الزمن وبعد الموت أو القتل تصعد الى محلها فتكون عند ربها ، وهذه العندية أعظم قدرا من العندية المكانية أو الزمانية بل هي تبين حقيقة تلك الأرواح المقدسة التي خلقت من روح الله جلت عظمته.
فاختلاف العلماء والمفسرين في المراد من قوله تعالى (عِنْدَ رَبِّهِمْ) لا وجه له بعد ملاحظة سياق الآية الشريفة وما ورد في هذا المضمار في مواضع متعددة من القرآن الكريم قال تعالى : (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ) آل عمران ـ ١٤ وقال تعالى : (وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ) ص ـ ٤٧ وغيرهما من الآيات الشريفة.
الرابع : يدل قوله تعالى : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ) على ان القرح وما يصيب المؤمنين في ميدان القتال مع اعداء الله تعالى في اثبات الحق وإعلاء كلمة الدين وإزهاق الباطل له الأثر الكبير في تهذيب المؤمنين وإرجاعهم الى الصواب بل له دخل في النظام الأحسن فان ما لاقاه المؤمنون من المصائب والمتاعب بسبب عصيانهم وفشلهم والعتاب الشديد العنيف تارة والخفيف اللطيف اخرى كان السبب في زيادة ايمانهم والرجوع الى التربية الحقة والانقلاب عن التفرق والاختلاف الى الطاعة والاتحاد وشدة العزيمة والتوكل على