الله تعالى فهو من المقتضيات في إعداد الإنسان نفسه بالدخول في السير التكاملي. ولأجل ذلك كانت المصائب والقرح الذي لحقهم في معركة أحد من أهم طرق التربية الإلهية الحقة. ولذا عدّ سبحانه وتعالى تلك نعمة ربانية وفضلا من الله تعالى عليهم لأنها كانت من الأسباب المهمة في تقويم النفوس واحياء القلوب فقد رجعت الى الحق وخلصت في إيمانها واشتد توكلها عليه تعالى فكان في الخذلان والهزيمة والمعصية دروسا كبيرة اثرت في نفوسهم بل كانت معركة أحد أهم مدرسة للمؤمنين عبر التاريخ.
الخامس : يمكن ان يجعل قوله تعالى : (الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ) من الآيات الدالة على لزوم مراعاة الاستقامة الحقيقية للحق في الحق نظير قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللهُ ثُمَّ اسْتَقامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) فصلت ـ ٣٠ وقوله تعالى : (فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ) هود ـ ١١٢ وقوله تعالى : (وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً) الجن ـ ١٦ إذ لا ريب في ان بناء الشيطان وأوليائه انما هو التشكيك في عقيدة المؤمنين وبث الأشواك والمزالق في طريق الوافدين الى الله تعالى لان العبد حينئذ انما أزال جميع الحجب الظلمانية عن نفسه بالصبر والمثابرة حتى وصل إلى معدن النور والعظمة فلم يبق في البين إلا سرادق الجلال والجمال التي قال فيها جبرائيل أعظم الاملاك : «لو دنوت انملة لاحترقت» ولعل المراد بالاحتراق انطماس الحدود الامكانية بالكلية.
السادس : يدل قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) ان الإحسان والتقوى هما المناط في القرب الى الله تعالى واحراز