مصدر كل خير ومبعث كل سعادة فالآية المباركة ترشد المؤمنين إلى الصراط المستقيم والكمال العظيم الذي لا كمال فوقه كما انها تنبه المؤمنين إلى الموازنة بين وليّ الكافرين والمشركين والمنافقين واهل الباطل الذي عجز عن نصرهم وبين ولي المؤمنين الذي لا يعجزه أمر وهو القادر على كل شيء.
الثاني عشر : يدل قوله تعالى : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) على ان الايمان جنة واقية تحرس صاحبه من الخوف عن غير الله تعالى. وان الايمان مع الخوف من غير الله تعالى هما ضدان لا يجتمعان فمن يرجح الخوف من اولياء الشيطان فان إيمانه مشكوك فيه ، فهذه الآية الشريفة من الآيات التي ينبغي ان يوزن الإنسان نفسه وإيمانه واعماله بها.
بحث عرفاني
يستفاد من قوله تعالى : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ) كمال العناية بالشهداء الذين قتلوا في سبيل الله فقد أرادوا من جهادهم وبذل أرواحهم الغالية في إعلاء كلمة الله واحياء الحق واماتة الباطل فأعطاهم الله تعالى الأجر الجزيل والثناء الجميل ، والذكر الحميد ، ومنحهم السعادة الكبيرة ان جعلهم عنده يرزقون ويستبشرون ويفرحون قد خلت حياتهم عن كل ما ينغصها من الخوف والحزن والآلام ، فإذا كان الجهاد الأصغر له هذه الحظوة عند خالق الأرواح ، فما ظنك بالجهاد الأكبر مع النفس الأمّارة لكسر سورتها ، وقمع الهوى بالصبر والاصطبار وكان العبد معه مطيعا لمولاه مخالفا لهواه مراقبا لنفسه