أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) آل عمران ـ ١٣٣ باعتبار ان المغفرة والجنة منتهى سيرهم ومسيرهم الاستكمالي.
قوله تعالى : (إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللهَ شَيْئاً).
بيان لحقيقة من الحقائق الواقعية فان الله تعالى غني عن العالمين لا يغلبه شيء في السموات والأرض ولا يضره كيد المنافقين والكافرين وغيرهم وتظاهرهم على اطفاء نور الله تعالى وإيقاع الضرر بالمؤمنين لا يوجب اطفاء ذلك النور وطمس الحق ، فهم لا يضرون إلا أنفسهم لأنهم يحاربون الله تعالى وقد خرجوا بسبب ذلك عن اهلية اللطف وحرموا أنفسهم عن كل خير فلا يبقى موضوع للتحزن والأسى ، وهم مسخرون تحت ارادته ومشيته عزوجل فقد تعلقت ارادته بأن يحرمهم من حظ الآخرة ويسلك بهم إلى أسوء العذاب فكانت عاقبة مسارعتهم في الكفر وبالا عليهم.
وفي تعليق الضرر به تعالى كمال التسلية للنبي (صلىاللهعليهوآله) والتشريف للمؤمنين ، ولبيان ان مضارتهم مضارته تعالى وهي غير معقول في الواقع وهذا أيضا كذلك.
قوله تعالى : (يُرِيدُ اللهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ).
تعليل وتأكيد لعدم مضارتهم له تعالى واعلام بأن المضارة الحقيقية هي التي كانت في الآخرة دون ما يتوهموه وهم قد سلكوا مسلكا. اختاروا فيه الملذات الدنيوية الفانية على الدرجات الرفيعة الاخروية ونعيمها وحرموا على أنفسهم نصيب الآخرة ، وتعلقت ارادة الله تعالى الاقتضائية على طبق اختيارهم. ويأتي في الآيات التالية تفسير كيفية تعلق ارادته عزوجل بحرمانهم من نصيب الآخرة.