قوله تعالى : (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ).
اي ولهم مع الحرمان من كل ثواب ونعيم في الآخرة عذاب عظيم لا يتقدر بقدر جزاء ما كانوا يكفرون.
وقد وصف سبحانه وتعالى العذاب بانه عظيم إما باعتبار ان المسارعة في الكفر تدل على عظم قدره عند المسارع اليه وتعلق كل ارادته به وصرف جميع حيثياته في سبيله ، فوصف تعالى عذابه بالعظيم تنبيها على حقارة ما سارعوا اليه ، أو لأجل ان القصد عظيم لأنهم قصدوا إضرارا عظيما لا منتهى لعظمته فيترتب عليه العظيم.
ولم يقيد سبحانه وتعالى العذاب بالآخرة كما قيد الحرمان بها لكون عذابه أعم ولا مانع في ذلك فقد ورد في المنافقين : (سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ) التوبة ـ ١٠١. واستحقاق العذاب العظيم هو نتيجة الحرمان من نصيب الآخرة لان كل من لم يكن له نصيب في الآخرة يكون سعيه في الدنيا وان بلغ ما بلغ سببا في زيادة العذاب.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ).
تعميم لجميع الكافرين بعد تخصيص الآية السابقة بالمسارعين في الكفر فيصح ان تكون علة اخرى تعم لنفي ضرر جميع الكافرين وفيهم المسارعون في الكفر تقديرا للحكم السابق وتأكيدا له ولزيادة التسرية عن قلب سيد الأنبياء (صلىاللهعليهوآله) والتسلية له.
وانما ذكر سبحانه لفظ الاشتراء زيادة في التقريع لأنهم بمعاملتهم في تبديل الايمان بالكفر قد استبدلوا الشريف العظيم بالدني الحقير ، ولبيان انهم قد أخذوا الكفر رغبة منهم في ما أخذوا وإعراضا عما تركوا فيكون اظهر على سوء الاختيار وكمال الرضاء منهم ، ولا يتأتى