أى كفار مكة : أبو جهل وأصحابه (قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ) فى أغطية (مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ) من القرآن والتوحيد (وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) صمم لا نسمع قولك لنا ، (وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ) ستر غطوا رؤوسهم بالثياب ، ثم قالوا : يا محمد بيننا وبينك حجاب ستر لا نسمع كلامك استهزاء منهم بك (فَاعْمَلْ) فى دينك لإلهك بهلاكنا (إِنَّنا عامِلُونَ (٥)) لآلهتنا فى ديننا بهلاكك.
(قُلْ) لهم يا محمد (إِنَّما أَنَا بَشَرٌ) آدمى (مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَ) أرسل إلىّ جبريل الوحى بالقرآن أبلغكم (أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) بلا ولد ولا شريك (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ) فأقبلوا إليه بالتوبة من الشرك (وَاسْتَغْفِرُوهُ) توبوا إليه ووحدوه (وَوَيْلٌ) شدة وعذاب ، ويقال : واد فى جهنم من قيح ودم (لِلْمُشْرِكِينَ (٦)) لأبى جهل وأصحابه (الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) لا يقرون بلا إله إلا الله (وَهُمْ بِالْآخِرَةِ) بالبعث بعد الموت ، والجنة والنار (هُمْ كافِرُونَ (٧)) جاحدون (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) بمحمد صلىاللهعليهوسلم والقرآن (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) الطاعات فيما بينهم وبين ربهم (لَهُمْ أَجْرٌ) ثواب (غَيْرُ مَمْنُونٍ (٨)) غير منقوص ، ويقال : غير منقطع عنهم ، ويقال : لا يمنون بذلك ، ويقال : يكتب ثواب أعمالهم بعد الهرم إلى الموت إلى يوم القيامة غير منقوص (قُلْ) يا محمد (أَإِنَّكُمْ) يا أهل مكة (لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ) طول كل يوم ألف سنة مما تعدون يوم الأحد ويوم الاثنين (وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً) أعدالا من الأصنام (ذلِكَ) الذى خلقهما (رَبُّ الْعالَمِينَ (٩)) رب كل شىء ذى روح (وَجَعَلَ فِيها) خلق فيها (رَواسِيَ) الجبال الثوابت (مِنْ فَوْقِها) أوتادا لها (وَبارَكَ فِيها) فى الأرض بالماء والشجر والنبات والثمار (وَقَدَّرَ فِيها أَقْواتَها) معايشها ففى كل أرض معيشة ليست فى غيرها (فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ) يقول : خلق الله الأرواح قبل الأجساد بأربعة آلاف سنة من سنين الدنيا ، قدر فيها أرزاق الأجساد قبل أرواحها بأربعة آلاف سنة من سنين الدنيا (سَواءً لِلسَّائِلِينَ (١٠)) سواء لمن سأل ، ولمن لم يسأل يعنى الرزق ، ويقال : بيانا للسائلين كيف خلقها هكذا خلقها (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ) ثم عمد إلى خلق السماء (وَهِيَ دُخانٌ) بخار الماء (فَقالَ لَها) للسماء (وَلِلْأَرْضِ) بعدما فرغ منهما (ائْتِيا) أعطيا ما فيكما من الماء والنبات (طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا) أعطينا (طائِعِينَ (١١)) لله كارهين بجفاء الخلق (١).
__________________
(١) انظر : تفسير القرطبى (١٥ / ٣٤٤) ، وزاد المسير (٧ / ٢٤٥) ، ومعانى القرآن للفراء (٣ / ١٣) ،