كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلاَّ ساعَةً مِنْ نَهارٍ بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ (٣٥))
(وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً) وجهنا إليك جماعة (مِنَ الْجِنِ) وهم تسعة رهط أتوا (يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ) إلى قراءة القرآن (فَلَمَّا حَضَرُوهُ) أى إلى النبى صلىاللهعليهوسلم وهو ببطن نخل (قالُوا) قال بعضهم لبعض (أَنْصِتُوا) حتى تسمعوا كلام النبى صلىاللهعليهوسلم (فَلَمَّا قُضِيَ) فلما فرغ النبى صلىاللهعليهوسلم من قراءته وصلاته آمنوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، والقرآن (وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩)) رجعوا إلى قومهم مؤمنين بمحمد صلىاللهعليهوسلم والقرآن مخوفين لقومهم (قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً) قراءة كتاب ، يعنون القرآن (أُنْزِلَ) على محمد صلىاللهعليهوسلم (مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً) موافقا بالتوحيد وصفة محمد صلىاللهعليهوسلم ونعته (لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) من التوراة وكانوا قد آمنوا بموسى (١)(يَهْدِي) يرشد (إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٠)) إلى دين حق قائم يرضاه ، وهو الإسلام (يا قَوْمَنا أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ) محمدا صلىاللهعليهوسلم بالتوحيد (وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) فى الجاهلية (وَيُجِرْكُمْ) ينجيكم (مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٣١)) وجيع (وَمَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللهِ) محمدا صلىاللهعليهوسلم (فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ) فليس بفائت من عذاب الله (فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ) من دون الله (أَوْلِياءُ) أقرباء ينفعونه (أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٣٢)) فى كفر بين.
(أَوَلَمْ يَرَوْا) يعلموا كفار مكة (أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ) يعجز (بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى) للبعث (بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ) من الحياة والمماة (قَدِيرٌ (٣٣) وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا) بمحمد صلىاللهعليهوسلم والقرآن (عَلَى النَّارِ) قبل أن يدخلوا النار ، فيقال لهم : (أَلَيْسَ هذا) العذاب (بِالْحَقِ) بالعدل (قالُوا بَلى وَرَبِّنا) إنه الحق (قالَ) الله لهم : (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٤)) نجحدون فى الدنيا بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، والقرآن (فَاصْبِرْ) يا محمد على أذى الكفار (كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ) ذوو اليقين والحزم (مِنَ الرُّسُلِ) مثل نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ، ويقال : ذوو الشدة والصبر مثل نوح وأيوب وزكريا ويحيى (وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ) بالهلاك (كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ ما يُوعَدُونَ) من العذاب مقدم ومؤخر كأنهم (لَمْ يَلْبَثُوا) لم يتمكنوا فى الدنيا (إِلَّا ساعَةً) إلا قدر ساعة (مِنْ نَهارٍ
__________________
(١) انظر : تفسير الطبرى (٢٦ / ١٩) ، ولباب النقول للسيوطى (١٩٢) ، وتفسير القرطبى (١٦ / ٢١٠).