وصرفوكم عن المسجد الحرام عام الحديبية (وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً) محبوسا (أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) منحره ، يقول : لم يتركوا أن يبلغ منحره (وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ) الوليد وسلمة بن هشام ، وعياش بن ربيعة ، وأبو جندل بن سهيل بن عمرو (وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ) بمكة (لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ) أن تقتلوهم (فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ) من قتلهم (مَعَرَّةٌ) دية وإثم لو لا ذلك لسلطكم عليهم بالقتل (بِغَيْرِ عِلْمٍ) من غير أن تعلموا أنهم مؤمنون (لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ) لكى يكرم الله بدينه (مَنْ يَشاءُ) من كان أهلا لذلك منهم (لَوْ تَزَيَّلُوا) لو خرج هؤلاء المؤمنون من بين أظهرهم فتفرقوا من عندهم (لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا) كفار مكة (مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (٢٥)) بسيوفكم (إِذْ جَعَلَ) أخذ (الَّذِينَ كَفَرُوا) كفار مكة (فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ) بمنعهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه عن البيت (فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ) طمأنيته (عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ) وأذهب عنهم الحمية (وَأَلْزَمَهُمْ) ألهمهم (كَلِمَةَ التَّقْوى) لا إله إلا الله محمد رسول الله (وَكانُوا أَحَقَّ بِها) بلا إله إلا الله محمد رسول الله فى علم الله (وَأَهْلَها) وكانوا أهلها فى الدنيا (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ) من الكرامة للمؤمنين (عَلِيماً (٢٦) لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ) حقق الله لرسوله (الرُّؤْيا بِالْحَقِ) بالصدق حيث ، قال النبى صلىاللهعليهوسلم لأصحابه (١) : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) من العدو (مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ) من العدو فوفى الله على ما قال النبى صلىاللهعليهوسلم لأصحابه (فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا) فعلم الله أن يكون إلى السنة القابلة ، ولم تعلموا أنتم ذلك (فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ) من قبل ذلك (فَتْحاً قَرِيباً (٢٧)) سريعا ، يعنى فتح خيبر.
(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ) محمد صلىاللهعليهوسلم (بِالْهُدى) بالتوحيد ، ويقال : بالقرآن (وَدِينِ الْحَقِ) شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله (لِيُظْهِرَهُ) ليعليه (عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) على الأديان كلها فلا تقوم الساعة حتى لا يبقى إلا مسلم أو مسالم (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً (٢٨)) بأن لا إله إلا الله (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ) من غير شهادة سهيل بن عمرو (وَالَّذِينَ مَعَهُ) يعنى أبا بكر أول من آمن به ، وقام معه يدعو الكفار إلى دين الله (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ) بالغلظة وهو عمر كان شديدا على أعداء الله قويا فى دين الله ناصرا لرسول الله (رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) متوادون فيما بينهم بارون ، وهو عثمان بن
__________________
(١) انظر : تفسير الطبرى (٢٦ / ٦٨) ، وزاد المسير (٧ / ٤٤٢) ، والدر المنثور (٦ / ٨٠).