تقدموا بين يدى الله ، دون أمر الله ، وأمر رسوله إن الله سميع لمقالة الرجلين عليهم بما اقترفا ، وكان قولهم : لو كان هكذا لكان كذا ، فنهاهم الله عن ذلك.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) نزلت فى ثابت بن قيس بن شماس يرفع صوته عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين قدم وفد بنى تميم ، فنهاه الله عن ذلك ، فقال : (لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ) لا تشدوا كلامكم عند كلام النبى صلىاللهعليهوسلم (وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ) لا تدعوه باسمه (كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ) كدعاء بعضكم لبعض باسمه ، ولكن عظموه ووقروه وشرفوه ، وقولوا يا نبى الله ، ويا رسول الله ، ويا أبا القاسم (أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٢)) لكيلا تبطل حسناتكم بترككم الأدب وحرمة النبى صلىاللهعليهوسلم وأنتم لا تشعرون ولا تعلمون بحبطها (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ) نزلت أيضا فى ثابت بن قيس بن شماس بعد ما نهاه الله عن رفع الصوت (عِنْدَ رَسُولِ اللهِ) فمدحه بعد ذلك بخفض صوته عند النبى صلىاللهعليهوسلم ، فقال : إن الذين يغضون يكفون ويخفضون أصواتهم عند رسول الله (أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ) صفى الله وطهر الله قلوبهم (لِلتَّقْوى) من المعصية ، ويقال : أخلص الله قلوبهم للتوحيد (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ) لذنوبهم فى الدنيا (وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (٣)) ثواب وافر فى الجنة.
(إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) نزلت هذه الآية فى قوم من بنى عنبر ، حى من خزاعة بعث النبى صلىاللهعليهوسلم إليها سرية وأمر عليهم عيينة بن حصن الفزارى ، فسار إليهم ، فلما بلغهم أنه خرج إليهم فروا وتركوا عيالهم وأموالهم ، فسبى ذراريهم ، وجاء بهم إلى النبى صلىاللهعليهوسلم فجاءوا ليفادوا ذراريهم فدخلوا المدينة عند القيلولة فنادوا النبى صلىاللهعليهوسلم يا محمد اخرج إلينا ، وكان نائما فذمهم الله بذلك ، فقال : إن الذين ينادونك ، يدعونك من وراء الحجرات من خلف حجرات نساء النبى صلىاللهعليهوسلم (أَكْثَرُهُمْ) كلهم (لا يَعْقِلُونَ (٤)) لا يفهمون أمر الله وتوحيده ، ولا حرمة رسول الله (١) (وَلَوْ أَنَّهُمْ) بنى عنبر (صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ) إلى الصلاة (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) لأعتق ذراريهم ونساءهم كلهم ففدى النبى صلىاللهعليهوسلم نصفهم وأعتق نصفهم (وَاللهُ غَفُورٌ) لمن تاب منهم (رَحِيمٌ (٥)) حين لم يعجلهم بالعقوبة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) نزلت هذه الآية فى الوليد بن عقبة بن أبى معيط ، بعثه النبى صلىاللهعليهوسلم إلى بنى المصطلق ليجئ بصدقاتهم فرجع من الطريق وجاء بخبر قبيح ، وقال : إنهم أرادوا قتلى ، فأراد النبى صلىاللهعليهوسلم
__________________
(١) انظر : تفسير الطبرى (٢٦ / ٧٧) ، وصحيح البخارى (٦ / ٤٧) ، ولباب النقول (١٩٥).