(إِنَّ بَعْضَ الظَّنِ) ظن السوء وتخفونه (إِثْمٌ) معصية وهو ما ظن رجلان بأسامة بن زيد (وَلا تَجَسَّسُوا) ولا تبحثوا عن عيب أخيكم ، ولا تطلبوا ما ستر الله عليه ، وهو ما تجسس الرجلان (وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) وهو ما اغتاب الرجلان به سلمان (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً) حراما بغير الضرورة (فَكَرِهْتُمُوهُ) فحرموا أكل الميتة بغير الضرورة ، وكذلك الغيبة فحرموها (وَاتَّقُوا اللهَ) اخشوا الله فى أن تغتابوا أحدا (إِنَّ اللهَ تَوَّابٌ) متجاوز لمن تاب من الغيبة (رَحِيمٌ (١٢)) لمن مات على التوبة (١).
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ) نزلت هذه الآية فى ثابت بن قيس بن شماس ، حيث قال لرجل : أنت ابن فلانة ، ويقال : نزلت فى بلال مؤذن النبى صلىاللهعليهوسلم ونفر من قريش سهيل بن عمر ، والحارث بن هشام ، وأبى سفيان بن حرب ، قالوا لبلال عام فتح مكة حيث سمعوا أذان بلال : ما وجد الله ورسوله غير هذا الغراب ، فقال الله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) من آدم وحواء (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً) يعنى الأفخاذ (وَقَبائِلَ) يعنى رؤوس القبائل ، ويقال : شعوبا موالى وقبائل عربا (لِتَعارَفُوا) لكى تعرفوا إذا سئلتم ممن أنتم؟ فتقولوا : من قريش ، من كندة ، من تميم ، من بجيلة (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ) فى الآخرة (عِنْدَ اللهِ) يوم القيامة (أَتْقاكُمْ) فى الدنيا هو بلال (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ) بحسبكم ونسبكم (خَبِيرٌ (١٣)) بأعمالكم وبإكرامكم عند الله.
(قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا) نزلت هذه الآية فى بنى أسد أصابتهم سنة شديدة ، فدخلوا فى الإسلام متوافرين بأهاليهم وذراريهم ، وجاؤوا إلى النبى صلىاللهعليهوسلم بالمدينة ليصيبوا من فضله فغلوا أسعار المدينة ، وأفسدوا طرقها بالعذرات ، وكانوا منافقين يقولون : أطعمنا وأكرمنا يا رسول الله ، فإنا مخلصون مصدقون فى إيماننا وكانوا منافقين فى دينهم كاذبين فى قولهم ، فذكر الله مقالتهم ، فقال : (قالَتِ الْأَعْرابُ) بنو أسد (آمَنَّا) صدقنا فى إيماننا بالله ورسوله (٢)(قُلْ) لهم يا محمد (لَمْ تُؤْمِنُوا) لم تصدقوا فى إيمانكم بالله ورسوله (وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) أى استسلمنا من السيف والسبى (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ) لم يدخل حب الإيمان وتصديق الإيمان (فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) فى السر كما أطعتموهما فى العلانية ، وتتوبوا من الكفر والسر والنفاق (لا
__________________
(١) انظر : معانى القرآن للفراء (٣ / ٧٣) ، وزاد المسير (٧ / ٤٧٢).
(٢) انظر : لباب النقول (١٩٩) ، والطبرى (٢٦ / ٨٩) ، والدر المنثور (٤ / ٩٩).