وأقسم بالملائكة الذين ينزعون نفوس الصالحين يسلونها سلا رفيقا رويدا ، ثم يتركونها حتى تستريح ، ويقال : هى أرواح المؤمنين (فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً (٤)) وأقسم بالملائكة الذين يسبقون بأرواح المؤمنين إلى الجنة وأرواح الكافرين إلى النار ، ويقال : هى أرواح المؤمنين تسبق إلى الجنة (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (٥)) وأقسم بالملائكة الذين يدبرون أمور العباد ، يعنى جبريل ، وميكائيل ، وإسرافيل ، وملك الموت عليهمالسلام ، ويقال : (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (١) وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً (٢) وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً (٣) فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً (٤)) ، كل هؤلاء النجوم (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (٥)) هم الملائكة ، ويقال : (وَالنَّازِعاتِ غَرْقاً (١)) هى قسى الغزاة (وَالنَّاشِطاتِ نَشْطاً (٢)) هى أوهاق الغزاة ، (وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً (٣)) هى سفن غزاة البحر (فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً (٤)) هى خيول الغزاة (فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً (٥)) يعنى قواد الغزاة ، ويقال : (وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً (٣)) هى الشمس والقمر والليل والنهار ، أقسم الله هذه الأشياء أن النفختين لكائنات بينهما أربعون سنة (١).
ثم بينهما ، فقال : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (٦)) وهى النفخة الأولى يتزلزل كل شىء (تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (٧)) وهى النفخة الأخيرة (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ) يوم القيامة (واجِفَةٌ (٨)) خائفة (أَبْصارُها خاشِعَةٌ (٩)) ذليلة (يَقُولُونَ) كفار مكة النضر بن الحارث وأصحابه (أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ (١٠)) إلى الدنيا ، ويقال : من القبور (أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً (١١)) أى صرنا عضاما بالية ، ويقال : ميتة إن قرأت بالألف فكيف يبعثنا ، فقال لهم النبى صلىاللهعليهوسلم : بلى يبعثكم (قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ (١٢)) رجعة خائبة لا تكون ، فقال الله : (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ (١٣)) نفخة واحدة لا تثنى وهى نفخة البعث (فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ (١٤)) على وجه الأرض ، ويقال : بأرض المحشر (هَلْ أَتاكَ) يا محمد استفهاما منه ، يعنى قد أتاك ، ويقال : ما أتاك ثم أتاك (حَدِيثُ مُوسى (١٥)) خبر موسى (إِذْ ناداهُ رَبُّهُ) دعاه ربه (بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ) المطهر (طُوىً (١٦)) اسم الوادى ، وإنما سمى طوى لكثرة ما مشت عليه الأنبياء ، ويقال : قد طوى ، ويقال : طأ يا موسى هذا الوادى بقدميك بخيره وبركته.
(اذْهَبْ) يا موسى (إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى (١٧)) علا وتكبر وكفر بالله (فَقُلْ هَلْ
__________________
(١) انظر : تفسير الطبرى (٣٠ / ١٨) ، والمجاز لأبى عبيدة (٢ / ٢٨٤) ، ومعانى القرآن للفراء (٣ / ٢٣٠).