سورة الطّارق
ومن سورة الطارق ، وهى كلها مكية
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (١) وَما أَدْراكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣) إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ (٤) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ (٥) خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ (٧) إِنَّهُ عَلى رَجْعِهِ لَقادِرٌ (٨) يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ (٩) فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ (١٠) وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ (١١) وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ (١٢) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣) وَما هُوَ بِالْهَزْلِ (١٤) إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (١٥) وَأَكِيدُ كَيْداً (١٦) فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (١٧))
عن ابن عباس ، رضى الله عنه ، فى قوله تعالى : (وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ (١)) أقسم الله بالسماء والطارق (١) (وَما أَدْراكَ) يا محمد (مَا الطَّارِقُ (٢)) يعجبه بذلك ، ثم بين ، قال : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣)) المضئ النافذ ، وهو زحل يطرق بالليل ويخنس بالنهار (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ) ولهذا كان القسم ، يقول : كل نفس برة ، أو فاجرة (لَمَّا عَلَيْها) يعنى لعليها والميم والألف هاهنا صلة ، ويقال : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ) ما كل نفس (لَمَّا عَلَيْها) إلا عليها إن قرئت بالتشديد (٢)(حافِظٌ (٤)) يحفظ قولها وعملها حتى يدفعها إلى المقابر (فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ) أبو طالب (مِمَّ خُلِقَ (٥)) نفسه ، ثم بين فقال : (خُلِقَ) نفسه (مِنْ ماءٍ دافِقٍ (٦)) مدفوق ومهراق فى رحم المرأة (يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ) صلب الرجل (وَالتَّرائِبِ (٧)) ترائب المرأة (إِنَّهُ) يعنى الله (عَلى رَجْعِهِ) على رد الماء فى الإحليل (لَقادِرٌ (٨)) ويقال : على إعادته بعد الموت وإحيائه لقادر (يَوْمَ تُبْلَى السَّرائِرُ (٩)) تظهر السرائر ، وهو على كل شىء وكل إلى الرجل لا يعلمه غيره (فَما لَهُ) لأبى طالب (مِنْ قُوَّةٍ) من منعة بنفسه (وَلا ناصِرٍ (١٠)) ولا مانع له من عذاب الله (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ (١١)) وأقسم بالسماء ذات المطر ، بعد المطر والسحاب بعد السحاب عاما بعد عام (وَالْأَرْضِ ذاتِ الصَّدْعِ (١٢)) بالنبات والزروع ،
__________________
(١) انظر : معانى القرآن للفراء (٣ / ٢٥٤) ، وتفسير الطبرى (٣٠ / ٩٠).
(٢) انظر : البحر المحيط (٨ / ٢٨٥) ، والسبعة (٦٧٨) ، والتبيان للعكبرى (٢ / ٢٨٥) ، وزاد المسير (٩ / ٨١).