سورة البلد
ومن سورة البلد ، وهى كلها مكية
بسم الله الرّحمن الرّحيم
(لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ (١) وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (٢) وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (٤) أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥) يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً (٦) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧) أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِساناً وَشَفَتَيْنِ (٩) وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (١٠) فَلا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ (١٨) وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ (٢٠))
عن ابن عباس ، رضى الله عنه ، فى قوله تعالى : (لا أُقْسِمُ) يقول : أقسم (بِهذَا الْبَلَدِ (١)) مكة (وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ (٢)) يقول : قد أحل الله لك فى هذا البلد ما لا يحل لأحد قبلك ولا بعدك ، ويقال : (وَأَنْتَ حِلٌ) نازل (بِهذَا الْبَلَدِ (٢)) ويقال : وأنت فى حل مما صنعت فى هذا البلد (١) (وَوالِدٍ وَما وَلَدَ (٣)) فالوالد آدم وما ولد بنوه ، ويقال : الوالد الذى يلد من الرجال والنساء ، وما ولد الذى لا يلد من الرجال والنساء ، أقسم الله بهذه الأشياء (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ) يعنى كلدة بن أسيد (فِي كَبَدٍ (٤)) معتدل القامة ، ويقال : يكابد أمر الدنيا والآخرة ، ويقال : فى كبد فى قوة وشدة (أَيَحْسَبُ) أيظن الكافر فى قوته وشدته (أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥)) يعنى على أخذه وعقوبته أحد ، يعنى الله (يَقُولُ) يعنى كلدة بن أسيد ، ويقال : الوليد بن المغيرة (أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً (٦)) أنفقت مالا كثيرا فى عداوة محمد صلىاللهعليهوسلم فلم ينفعنى ذلك شيئا (أَيَحْسَبُ) أيظن الكافر (أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧)) لم ير الله صنيعه أنفق أم لا ، ثم ذكر منته عليه ، فقال : (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨)) ينظر بهما (وَلِساناً) ينطق به (وَشَفَتَيْنِ (٩)) يضم ويرفع بهما (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (١٠)) بيّنا له
__________________
(١) انظر : معانى القرآن للفراء (٣ / ٢٦٣) ، وتفسير الطبرى (٣٠ / ١٢٤).