فقال الأستاذ وجدي : هذا خطأ ؛ إذ الثمار ليس فيها ذكر ولا أنثى على الإطلاق ، نعم إنّ الذكورة والأنوثة من أعضاء الأزهار لا الأثمار. فقد يكون هناك عضوان ذكر وأنثى في زهرة واحدة ، وقد يكونان في زهرتين من نفس الشجرة ، أو في زهور شجرتين مستقلّتين. وهذا اللّقاح النباتي كان معروفا منذ أقدم العصور ، حتى أنّ عرب الجاهلية كانوا يعرفونه ، فكانوا يلقّحون إناث النخيل بالطلع المستخرج من ذكورها.
إذن فلم يكن هذا المعنى خافيا على المفسرين القدامى ، ومن ثم أخذوا الآية حسب مفهومها الظاهر اللغوي ، وهو الصحيح ، بعد ملاحظة آية أخرى جاء فيها وصف الجنّتين اللّتين وعد الله بهما المتّقين ، قال تعالى : (فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ)(١) ولا يمكن صرف هذه الآية بحال من الأحوال إلى المعنى الذي أراده الأستاذ (الشاطر).
والآية الثانية ، التي جعل لفظة «تثير» فيها إشارة إلى «عملية التبخير» بفعل الحرارة والرياح ، فالمعروف في علم الطبيعة أنّ عملية التبخير ـ في المياه والرطوبات ـ إنما تقوم على فعل الحرارة المركزيّة للأرض ، والحرارة الجوّية للشمس ، أمّا الرياح فلا دور لها في ذلك ، ولم يقل به أحد من العلماء.
وقد كان العلماء منذ خمسمائة عام قبل ميلاد المسيح عليهالسلام يعرفون تكوّن الأبخرة الأرضية ، التي هي المؤلّفة للسحب. وهذه كتب الطبيعيات القديمة شاهدة بذلك ، وليس أمرا اكتشفه العلم حديثا.
والآية الثالثة ـ التي زعم «الأوتاد» فيها هي الأهرام ـ فلا يمكن المصادقة عليه ، بعد أن كان السبب في إطلاق «الوتد» على الجبل باعتبار تأثيره في ضبط الأرض
__________________
(١) الرحمن / ٥٢.