مما لا يعذر أحد في جهالته. قال : وبديهي أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يفسّر ما يرجع فهمه إلى معرفة كلام العرب ، كما لم يفسّر ما استأثر الله بعلمه ، كقيام الساعة وحقيقة الروح ، مما يجري مجرى علم الغيوب التي لم يطّلع الله عليها نبيّه (١).
قلت : لم أجد ، كما لا أظن أحدا ذهب إلى أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يبيّن من معاني القرآن سوى البعض القليل وسكت عن الباقي (الكثير طبعا) ، بعد الذي قدّمنا ، وبعد ذلك الخضمّ من تفاصيل الأحكام والتكاليف التي جاءت في الشريعة ، وكانت تفسيرا وبيانا لما أبهم في القرآن من تشريعات جاءت مجملة وبصورة كليّة ، فضلا عمّا بيّنه الرسول وفضلاء صحابته والعلماء من أهل بيته ، شرحا لمعضلات القرآن وحلّا لمشكلاته.
أمّا الذي نسبه إلى شمس الدين الخويّي (٢) وجلال الدين السيوطي ، من ذهابهما إلى ذلك ، فإنّ كلامهما ناظر إلى جانب المأثور من تفاسير الرسول ، المنقول بالنصّ فإنه قليل (٣) ، لو أغفلنا ما رويناه بالإسناد إليه صلىاللهعليهوآلهوسلم عن طرق أهل البيت الأئمّة من عترته الطاهرة ـ صلوات الله عليهم ـ كما أغفله القوم ، وإلّا فالواقع كثير وشامل ، ولا سيما إذا ضممنا تفاصيل الشريعة (السنّة الشريفة) إلى ذلك
__________________
(١) التفسير والمفسرون ، ج ١ ، ص ٥٣ ـ ٥٤.
(٢) هو أبو العباس أحمد بن خليل المهلبي الخويّي (٥٨٣ ـ ٦٣٧) صاحب الإمام الرازي والمتمّم لتفسيره. ولد في خوي من أعمال آذربيجان ، وتعلم بها وبخراسان ، ثم ولى قضاء دمشق وتوفّى بها.
(٣) قال الخويّي : وأما القرآن فتفسيره على وجه القطع لا يعلم إلّا بأن يسمع من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وذلك متعذّر إلّا في آيات قلائل (الإتقان ، ج ٤ ، ص ١٧١) وقال السيوطي ـ عند بيان مآخذ التفسير ـ : الذي صحّ من ذلك (المنقول عن النبيّ) قليل جدّا. (الإتقان ، ج ٤ ، ص ١٨١)