فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ)(١) قال : فاقرأ ما حكاه الطبري وغيره عند تفسير الآية.
فقد راجعنا تفسير الطبري والدر المنثور وابن كثير وغيرها من أمهات كتب التفسير بالنقل المأثور (٢) ، فلم نجد فيها ذكرا لكعب ولا مساءلته من قبل أحد من الأصحاب ، أو غيرهم من التابعين أيضا. ولم ندر من أين أخذ الأستاذ هذا المثال ، ومن الذي عرّفه ذلك ، فأوقعه في هذا الوهم الفاضح.
وأمّا قوله : كان ابن عباس يجالس كعب الأحبار ، وكان أكثر من نشر علمه ... (٣) ، فكلام أشدّ وهما وأكثر جفاء على مثل ابن عباس الصحابي الجليل ؛ إذ لم نجد ولا رواية واحدة تتضمّن نقلا لابن عبّاس عن أحد من اليهود ، فضلا عن مثل كعب الأحبار الساقط الشخصيّة (٤).
نعم أشار المستشرق جولد تسيهر إلى موارد ، زعم فيها مراجعة ابن عباس لأهل الكتاب ، ولعلها كانت مستند الأستاذ أحمد أمين تقليدا من غير تحقيق. ولكنا راجعنا تلك الموارد ، فلم نجدها شيئا ، كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء.
منها : أن ابن عباس سأل كعب الأحبار عن تفسير تعبيرين قرآنيّين : أمّ الكتاب ، والمرجان (٥).
روى الطبري بإسناده إلى عبد الله بن ميسرة الحرّاني : أنّ شيخا بمكّة من أهل
__________________
(١) البقرة / ٢١٠.
(٢) جامع البيان للطبري ، ج ٢ ، ص ١٩٠ ـ ١٩٢. والدر المنثور للسيوطي ، ج ١ ، ص ٢٤١ ـ ٢٤٢. وتفسير ابن كثير ، ج ١ ، ص ٢٤٥ ـ ٢٤٩.
(٣) فجر الإسلام ، ص ١٦٠.
(٤) سوف ننبّه أنّ كعب الأحبار كان من صنايع معاوية ، صنعه لنفسه لغرض الحطّ من كرامة الإسلام.
(٥) مذاهب التفسير الإسلامي ، ص ٨٨.