مكة عبد الملك بن عبد العزيز (ابن جريج) وكان قد تعلم على يد عطاء بن أبي رباح ، ولزمه سبع عشرة سنة. وسئل عطاء : من نسأل بعدك؟ فقال : هذا الفتى ، يعني ابن جريج ، وكان يصفه بأنه سيّد أهل الحجاز.
وعن أحمد بن حنبل : كان ابن جريج من أوعية العلم. وقال ابن معين : أصحاب الحديث خمسة ، وعدّ منهم ابن جريج. وقال يحيى بن سعيد القطّان : كتب ابن جريج كتب الأمانة ، وإذا لم يحدثك عن كتابه لم ينتفع به.
قال أحمد : إذا قال ابن جريج : أخبرني وسمعت ، فحسبك به. قال : الذي يحدّث من كتاب أصحّ ، وكان في بعض حفظه ـ إذا حدّث حفظا ـ سيّئ. قال ابن معين : ابن جريج ثقة في كل ما روي عنه من الكتاب.
كان ابن جريج ومالك بن أنس (إمام المالكية) قد أخذا الفقه من نافع. ولكن ابن جريج كان مفضّلا على مالك. فعن أحمد بن زهير ، قال : رأيت في كتاب ابن المديني : سألت يحيى بن سعيد ، من أثبت أصحاب نافع؟ قال : أيّوب ، وعبيد الله ، ومالك بن أنس. وابن جريج أثبت من مالك في نافع. قلت : ومن ثم كان مالك ينافسه في هذه الفضيلة ، وربما كان يرميه بالخلط. قال المخارقي : سمعت مالك ابن أنس يقول : كان ابن جريج حاطب ليل.
وإذا كان مقدّما في الفقه عن نافع ، فهو مقدّم في التفسير عن عطاء بن أبي رباح. فقد حدّث صالح بن أحمد بن حنبل عن أبيه ، قال : عمرو بن دينار وابن جريج أثبت الناس في عطاء. (١)
وذكره ابن حبّان في الثقات ، وقال : كان من فقهاء أهل الحجاز وقرّائهم
__________________
(١) تاريخ بغداد ، ج ١٠ ، ص ٤٠٠ ـ ٤٠٧.