وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ)(١).
ولا شك أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم فعل ما كان من شأنه أن يفعل وربّى من أصحابه ثلة من علماء ورثوا علمه وحملوا حكمته إلى الملأ من الناس.
وإذا كان القرآن (تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ)(٢) ، وقد بلّغه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الناس ، فقد بيّن معالمه وأرشدهم إلى معاني حكمه ومعاني آياته ؛ إذ كان عليه البيان كما كان عليه البلاغ (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ)(٣).
وهل كان دور النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في أمّته ، وفي أصحابه الخلّص بالخصوص ، سوى دور معلم ومرشد حكيم؟ فلقد كان صلىاللهعليهوآلهوسلم حريصا على تربيتهم وتعليمهم في جميع أبعاد الشريعة ، وبيان مفاهيم الإسلام.
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، فإن من صحابته الأخيار ـ ممّن رضي الله عنهم ورضوا عنه ـ من كان على وفرة من الذكاء ، طالبا مجدّا في طلب العلم والحكمة والرشاد ، مولعا بالسؤال والازدياد من معارف الإسلام ، وكانوا كثرة من ذوي النباهة والفطنة والاستعداد (رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ)(٤) ، واستقاموا على الطريقة ، فسقاهم ربهم (ماءً غَدَقاً)(٥).
وقد عرفت كلام ابن مسعود : «كان الرجل منّا إذا تعلّم عشر آيات ، لم
__________________
(١) الجمعة / ٢.
(٢) النحل / ٨٩.
(٣) النحل / ٤٤.
(٤) الأحزاب / ٢٣.
(٥) الجنّ / ١٦.