وكان أوّل من كتب لرسول الله مقدمه المدينة ، فإذا لم يحضر أبيّ كتب زيد ابن ثابت. كان أقرأ أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان ممن جمع القرآن حفظا على عهد رسول الله ، وتأليفا بعد وفاته. وكان قد تفرّغ للإقراء بالمدينة ما لم يتفرّغ له سائر الصحابة الباقين فيها.
ومن ثمّ تصدّى الإملاء على لجنة توحيد المصاحف على عهد عثمان ، وكانوا يرجعون إليه عند الاختلاف. توفّي سنة (٣٠) في خلافة عثمان ، حسبما قدّمنا.
٣ ـ مدرسة الكوفة : أقام دعائمها الصحابي الكبير عبد الله بن مسعود ، كان خصيصا برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يخدمه ويتربّى على يديه. قال حذيفة : أقرب الناس برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم هديا ودلّا وسمتا ، ابن مسعود. ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ ابن أم عبد من أقربهم إلى الله زلفى. كان أوّل من جهر بالقرآن على ملأ من قريش ، فأوذي في الله واصطبر على البلاء. كان قد هاجر الهجرتين وشهد المشاهد كلها.
قدم الكوفة ـ على عهد ابن الخطاب ـ معلّما ومؤدّبا ، حتى أحضره عثمان سنة (٣١) وكانت فيها وفاته. ولما بلغ أبا الدرداء نعيه قال : ما ترك بعده مثله.
تربّى على يديه خلق كثير ، فمن التابعين : علقمة بن قيس النخعي ، وأبو وائل شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي ، والأسود بن يزيد النخعي ، ومسروق بن الأجدع ، وعبيدة بن عمرو السلماني ، وقيس بن أبي حازم ، وغيرهم.
وقد عرفت أنّ مدرسة الكوفة كانت أهم المدارس بعد مدرسة مكة ، توسعا وشمولا لمعاني القرآن والفقه والحديث.
٤ ـ مدرسة البصرة : أقامها أبو موسى الأشعري : عبد الله بن قيس (٤٤) قدم