سمعت أبي ، عليّ بن الحسين عليهماالسلام يقول : «سعيد بن المسيّب أعلم الناس بما تقدّمه من الآثار ، وأفقههم في رأيه».
وله ترجمة مسهبة في الطبقات ، وفيها من أحواله وقضاياه العجيبة الشيء الكثير (١).
أضف إلى ذلك ما ورد بشأنه من الثناء عليه عند أصحابنا الإماميّة :
وأول شيء ، أنه تربية الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، ربّاه في حجره بوصية من جدّه «حزن». فقد نشأ وترعرع في أهل بيت العلم والورع والطهارة ، كما وأصبح من خلّص أصحاب الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين ، وأحد الأوتاد الخمسة الذين ثبتوا على الاستقامة في الدين على ما وصفهم الفضل بن شاذان. قال : ولم يكن في زمان عليّ بن الحسين في أوّل أمره إلّا خمسة أنفس : سعيد بن جبير ، سعيد بن المسيّب ، محمد بن جبير بن مطعم ، يحيى بن أمّ الطويل ، أبو خالد الكابلي.
وكان يرى من الإمام السجاد عليهالسلام النفس الزكية ، لم يعرف له نظيرا ولا رأى مثله. كما كان يرى في مثاله القدّوسي مثال داود القدّيس عليهالسلام تسبح معه الجبال بالعشي والإشراق والطير محشورة كل له أوّاب.
روى الكشّي بإسناده إلى الزهري عن ابن المسيّب ، قال : كان القوم لا يخرجون من مكّة حتى يخرج عليّ بن الحسين سيّد العابدين. فخرج وخرجت معه ، فنزل في بعض المنازل ، فصلّى ركعتين فسبّح في سجوده ، فلم يبق شجر ولا مدر إلّا سبّحوا معه ، ففزعنا! فرفع رأسه فقال : يا سعيد! أفزعت؟ فقلت : نعم ، يا ابن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : هذا التسبيح الأعظم ، حدّثني أبي عن جدّي رسول
__________________
(١) طبقات ابن سعد ، ج ٥ ، ص ٨٨ ـ ١٠٦.